طرح باحث وخبير اقتصادي تصورا لتأسيس دولة فلسطين، تضمن مقترحات لكيفية إدارة الدولة ودور الفصائل الفلسطينية في بنائها.

وكتب خبير التنمية الاقتصادية الفلسطينية رجا الخالدي مقالا في مجلة “فورين أفيرز” الأميركية استهله بالقول إن الولايات المتحدة وحلفاءها العرب والأوروبيين لا يرغبون في أن تتولى إسرائيل أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إدارة قطاع غزة ما إن تضع الحرب أوزارها.

ورغم أنه أشار إلى أن المرشح المفترض للاضطلاع بمهمة إدارة القطاع هي السلطة الفلسطينية، فإنها لم تسلم هي الأخرى من انتقاداته، معتبرا أن قدرتها كوسيلة لإحداث تغيير عميق أمر مشكوك فيه. وأكد في هذا الصدد أن معظم الفلسطينيين لا يثقون بها.

مشكلة عويصة

إن مشكلة السلطة الفلسطينية العويصة -برأي الخالدي- لا تكمن في تأدية المهام أو في الأفراد فحسب، بل في أنها تجاوزت عمرها الافتراضي بكثير، وباتت أيامها معدودة نظرا لافتقارها للشرعية وضعفها المتجذر، فهي لا تعدو أن تكون “حكومة بلا دولة ذات سيادة تديرها”.

وعلى الشعب الفلسطيني، بدلا من التعويل على افتراضات غير واقعية حول مدى ملاءمة السلطة الفلسطينية ككيان حاكم، أن يستغل لحظة التضامن النادرة هذه وأن يتحد أفرادا وجماعات لتبني “دولة فلسطين” باعتبارها المظهر السياسي لهويتهم وقوتهم ومصيرهم المشترك، على حد تعبير المقال.

وتابع أنه لطالما ظلت منظمة التحرير لعقود من الزمن هي ممثل الشعب الفلسطيني، ولكن اليوم فإن الدولة هي الكيان الوحيد الذي يمكن أن يكون وطنا قوميا للفلسطينيين كافة البالغ عددهم 14 مليونا داخل وخارج فلسطين المحتلة.

وقال الباحث الاقتصادي إن مشاكل الحكم الفلسطيني تحتاج إلى أكثر من إصلاحات “مجزأة”، أو قوانين جدية، أو حتى وزراء جدد، ذلك أن المسألة لا تتعلق بالأفراد بل بالهياكل.

سلطة ضعيفة

وأضاف أن السلطة الفلسطينية تعاني ضعفا في أداء مهامها المدنية، رغم امتلاكها قوة أمنية شديدة المراس في حفظ القانون والنظام، لكنها لا تتدخل في مواجهة عمليات الجيش الإسرائيلي وهجمات المستوطنين، وهو ما ينال من شعبيتها، وأنها ليست سوى عجلة في تروس عجلة الاحتلال الإسرائيلي.

وتابع قائلا إن هذه هي اللحظة المناسبة التي ينبغي على الساسة الفلسطينيين في حركة فتح ومنظمة التحرير وفصائل المقاومة المختلفة، انتهازها ونبذ السلطة الفلسطينية، وتأييد تشكيل حكومة مؤقتة تمثل جميع الفلسطينيين وتشرف على إدارتهم تحت الاحتلال اليوم، وداخل دولة حرة غدا.

وفي إطار تقديم تصور مفصل لرؤيته، يعتقد الخالدي أن أي إجراءات فنية لحكم رشيد في الضفة الغربية وقطاع غزة لن يكتب لها النجاح إلا إذا طويت صفحة الانقسام، وفُتحت صفحة جديدة تركز على بناء الدولة، وذلك من خلال مجلس رئاسي يتشكل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة “حماس”.

وذلك إلى جانب مجلس تشريعي لمناقضة الخطوط العريضة لمستقبل ديمقراطي يُتفق عليه، مع ترك مسألة من هو الأنسب لقيادة البلاد للشعب الفلسطيني ليحسمها عبر صناديق الاقتراع.

الدستور

وأضاف الخالدي يجب أن يجتمع كبار الخبراء القانونيين الفلسطينيين من جميع أنحاء العالم لصياغة دستور للدولة الناشئة، على أن تبقى قضايا الأمن والعلاقات الخارجية من اختصاص الرئيس، في حين تقع الشؤون المالية وإعادة الإعمار ضمن صلاحيات رئيس الوزراء.

وفيما يبدو أنه ضرب لحق العودة، شدد الخبير الاقتصادي على ضرورة أن تمنح الدولة الجديدة جنسيتها في نهاية المطاف من دون التمتع بحقوق الإقامة، لفلسطينيي الشتات البالغ عددهم 5 ملايين، والذين يحملون الآن بطاقات هوية وجوازات سفر صادرة عن السلطة الفلسطينية.

وقال إن الوقت حان لكي تصبح فلسطين دولة حقيقية وليس مجرد حبر على الورق، موضحا أن تشكيل حكومة باسم هذه الدولة الخطوة التالية في مسيرة التحرير الوطني الطويلة.

شاركها.
Exit mobile version