تونس- تزداد الحالة الصحية للقيادي في حركة النهضة الصحبي عتيق تدهورا بينما يخوض إضرابا عن الطعام منذ 26 يوما داخل سجن “المرناقية” وسط مخاوف عائلته ومحاميه على حياته. فيما نددت جبهة الخلاص المعارضة بما وصفته “تعنّت السلطة في تصفية خصومها بناء على اتهامات باطلة”.

وتم توقيف عتيق في 6 مايو/أيار الماضي بمطار تونس قرطاج عندما كان يتأهب للسفر للمشاركة في مؤتمر بتركيا بدعوى أنه كان مطلوبا في قضية تبييض أموال. وفي 12 مايو/أيار الماضي، قرر قاضي التحقيق إيداعه السجن والتحقيق معه في قضية قائمة على “شهادة زور”، بحسب ما أكدته هيئة الدفاع.

وحول مستجدات وضعه الصحي، قالت زوجته زينب المرايحي للجزيرة نت إنها أبلغت بالسماح لها برؤية زوجها مساء الاثنين بعدما نُقل لقسم الإنعاش بمستشفى الرابطة. وصباح الثلاثاء طُلب منها الحصول على ترخيص من إدارة السجن لإتاحة رؤيته وبعد حصولها على ذلك قيل لها إنه تم إرجاعه للسجن.

زوجة الصحبي عتيق أُبلغت بأنه مصاب بمرض في القلب وأكدت أنه لم يعانِ من ذلك سابقا (الجزيرة نت)

مخاوف صحية

وقالت الزوجة “لا أدري إن كانت هذه مماطلة مقصودة أم لا، ولكن أصبحت أخشى على حياة زوجي الذي هزل جسده بعدما فقد نحو 20 كيلوغراما من وزنه نتيجة إضرابه عن الطعام منذ 26 يوما”. وأكدت أنه وقع على الأرض مغشيا عليه صباح الاثنين وعند زيارتها له، مما استوجب نقله من قبل السجانين.

وبعد نقله إلى المستشفى، أُبلغت زينب المرايحي بأن زوجها يعاني من مرض في القلب، لكنها أكدت أنه لم يشكُ في السابق من أمراض القلب، معتبرة أن “تعكّر وضعه الصحي كان جراء الزج به زورا وبهتانا إلى السجن على إثر شكاية مفبركة بلا مؤيدات جعلته يدخل إضرابا عن الطعام”.

وتمسكت زينب المرايحي ببراءة زوجها الذي قالت إنه كان ضحية شهادة زور تمت فبركتها لسجنه والتنكيل به على خلفية انتمائه السياسي لحركة النهضة. وقالت “زوجي يتعرض لمظلمة كبرى وتم تلفيق تهمة تبييض الأموال له استناد إلى وشاية شخص من ذوي السوابق العدلية دون أي مؤيدات”.

حيثيات القضية

وحول مستجدات قضيته، قالت زينب المرايحي إن زوجها استدعي مؤخرا لجلسة استماع لم تدم سوى نصف ساعة قبل إرجاعه للسجن. وتؤكد أنه لم تُعيّن بعد جلسة لمحاكمته، مما يطيل مدة توقيفه بالسجن. وقالت “إذا كانت لا توجد مؤيدات تدينه في هذه الجريمة فعليهم إطلاق سراحه”.

وفي تفاصيل قضيته، تقول زوجة الصحبي عتيق إن شخصا من ذوي السوابق العدلية ادعى عند توقيفه بقضية حيازة مخدرات مؤخرا أنه سرق نحو 60 ألف دينار بينها 3 آلاف يورو من منزل عتيق قبل 7 سنوات. وبينت أن المنزل الأصلي الذي وقعت سرقته يعود لشخص آخر قام برفع شكوى ضد السارق.

وتساءلت عن سبب رفض قاضي التحقيق في القضية طلب حضور رئيس الفرقة الأمنية الذي حجز الأموال المسروقة باعتبار أن الشخص الذي اشتكى على عتيق اعترف في التحقيق بأن رئيس الفرقة التي باشرت البحث معه منذ 7 سنوات، قد أخفى جزءا من المبلغ المسروق واقتسمه مع أعوان الفرقة.

كما تساءلت عن سبب رفض قاضي التحقيق إحضار مدير سجن الإصلاحية التي سجن به السارق للاستماع إليه خاصة أن السارق اتهم الصحبي عتيق بزيارته في هذا السجن منذ 7 سنوات، وادعى أنه وعده بتسوية وضعيته ومنحه مبلغ 50 ألف دينار مقابل التستر على عتيق، وفق ادعائه.

من جهته، قال المحامي وعضو هيئة الدفاع عن الصحبي عتيق سمير ديلو للجزيرة نت، إن صحة موكله أصبحت مهددة بسبب تدهورها في ظل إصراره على مواصلة خوض الإضراب عن الطعام “بهدف رفع المظلمة التي تعرض لها بشكل كيدي”، حسب قوله.

وعقدت هيئة الدفاع عن الصحبي عتيق اليوم الثلاثاء مؤتمرا صحفيا بحضور قياديين من جبهة الخلاص المعارضة. واعتبرت الهيئة أن عتيق وقع “ضحية اتهامات ملفّقة فارغة من أي مؤيدات من أجل التشفي منه على خلفية انتمائه السياسي”، وحمّلت قاضي التحقيق مسؤولية سلامته الجسدية.

في السياق ذاته، استغرب المحامي ديلو من عدم تأكد قاضي التحقيق من صحة أقوال الشاكي ضد عتيق، بالرغم من مرور 23 يوما من توقيف الأخير. وقال إن “المقصود هو إيداع عتيق في السجن مهما كانت صحة الاتهامات”.

وقال إن هيئة الدفاع تخشى أن يكون عتيق “أول ضحايا” حملات التوقيفات في صفوف النشطاء السياسيين التي انطلقت منذ فبراير/شباط الماضي بتهم عدة أبرزها “التآمر على أمن الدولة، والتخابر مع جهات أجنبية، والتسفير لبؤر التوتر، والفساد، وغسل الأموال”، وتصل عقوبة بعض التهم إلى الإعدام.

قمع المعارضين

من جهة أخرى، أكد زعيم جبهة الخلاص المعارضة نجيب الشابي، خلال مؤتمر صحفي طارئ عقد بحضور أعضاء هيئة الدفاع عن الصحبي عتيق، إن السلطة تتعنت في تصفية خصومها بناء على اتهامات باطلة، وقال إن “المهمة الوحيدة للدولة التونسية منذ استفراد قيس سعيد بالسلطة هي القمع”. يشار إلى أن جبهة الخلاص عبارة عن تحالف سياسي معارض يضم حركة النهضة إلى جانب أحزاب أخرى.

وحول قضية الصحبي عتيق، قال الشابي إنها “قضية كيدية قُصد منها التشفي من قيادات المعارضة السياسية بشكل عام وقيادات حركة النهضة بشكل خاص”، مشيرا إلى أن “الوشاية أصبحت مبررا للإدانة دون البحث عن قرائن وبراهين”.

وتابع ساخرا “البلاد تغرق في أزمات اجتماعية حادة وأصبحت تعيش في عزلة دولية مطبقة، ولا حلول سوى اعتقال السياسيين”.

وكشف الشابي عن وجود توجه للسلطة لتسريح موظفين من وظائفهم بناءً على هويتهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية بدعوى أنهم “متسللون” إلى وظائف الدولة، وفق ما جاء على لسانه.

“دور الضحية”

في المقابل، يبرر خصوم حركة النهضة حملة التوقيفات ضد بعض قياداتها. وفي هذا السياق، يقول محسن النابتي القيادي في حزب التيار الشعبي (المؤيد لإجراءات الرئيس قيس سعيد)، إن العناصر الموقوفة من حركة النهضة “تسعى للعب دور الضحية للتنصل من المحاسبة”.

وأكد أنه لا يوجد تضييق على الحريات السياسية، وأن تلك التوقيفات ليست جماعية، وإنما شملت عناصر محددة. ورأى أن ما يحصل لا علاقة له بأي “استئصال”، وإنما يدخل -كما يقول- “في باب المحاسبة وإقامة العدل والقانون”.

شاركها.
Exit mobile version