للمرة الأولى منذ أن شنت روسيا حربها ضد أوكرانيا قبل أكثر من عامين، سيوجه الاتحاد الأوروبي أحدث حزمة مقترحة من عقوباته صوب قطاع الغاز الطبيعي الروسي المسال الذي يعتبر مصدر ربح كبير لاقتصادها.

ووفقاً لمسودة المقترحات التي لا تزال عرضة للتغيير، يستهدف مقترح عقوبات جديد الغاز الطبيعي المسال في روسيا، وسيمس ربع إيرادات موسكو من الغاز المسال سنوياً البالغة 8 مليارات يورو، حسب ما نقلته صحيفة بوليتيكو.

تفاصيل حزمة العقوبات على الغاز الروسي

تستعد المفوضية الأوروبية لإصدار مقترح لمنع موانئ الاتحاد الأوروبي من إعادة بيع الغاز الطبيعي الروسي المسال، بالإضافة لفرض قيود على ثلاثة مشاريع روسية للغاز الطبيعي المسال.

وستأتي هذه الإجراءات كجزء من حزمة العقوبات الرابعة عشرة التي فرضتها بروكسل على موسكو.

وبدون الموانئ الأوروبية التي تستخدمها روسيا لنقل غازها إلى آسيا فستضطر موسكو لاستخدام كاسحات الجليد لاختراق المحيط المتجمد الشمالي لتوصيل غازها إلى آسيا؛ وهو ما سيضر بمصنع «يامال» للغاز الطبيعي المسال الضخم في روسيا الذي تبلغ تكلفته 27 مليار دولار، ويوجد في أقصى شمال سيبيريا، وفقاً للورا بيغ، خبيرة الغاز في شركة تحليلات بيانات كبلر.

وأضافت «إذا لم يتمكنوا من النقل في أوروبا، فقد يضطرون إلى استخدام ناقلاتهم الجليدية في رحلات أطول»؛ ما يعني أن روسيا «قد لا تكون قادرة على إخراج أكبر عدد ممكن من الشحنات من يامال؛ لأن سفنها لا تستطيع الوصول إلى هناك».

وقال محلل الطاقة في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، بيتراس كاتيناس، إن هذا التحول من شأنه أن يحدث فجوة بقيمة مليارَي يورو في عائدات الغاز الطبيعي المسال في روسيا، بناءً على أرقام العام الماضي.

ومليارا يورو مبلغ كبير؛ لكنه لا يمثل سوى 28 في المئة من أرباح روسيا من الغاز الطبيعي المسال، وما يزيد قليلاً على خمس صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي.

وقال كاتيناس إن الحظر «يعد خطوة أولى جيدة إلى الأمام»، لكنه «ليس كافياً» إذا كان الاتحاد الأوروبي يريد خنق التدفقات النقدية للكرملين.

ومن المتوقع أن تتأثر شركات أوروبية بهذه العقوبات، مثل شركة «ناتورجي» الإسبانية، وشركة «إيلينجي» الفرنسية، وشركة «فلوكسيس» البلجيكية، وجميعها لديها عقود طويلة الأجل مرتبطة بشركة «يامال» الروسية للغاز الطبيعي المسال.

ومن غير الواضح ما إذا كانت عقوبات الاتحاد الأوروبي ستسمح للشركات بإنهاء عقودها من جانب واحد من دون مواجهة عقوبات أو إجراءات قانونية من قِبل شركائها الروس.

أما العقوبات على المشاريع الروسية المستقبلية فتشمل مشروع «أركتيك إل إن جي2»، ومصنع «مورمانسك» للغاز، ومحطة «يو إس تي لوغا» للغاز الطبيعي المسال، لكن جميع هذه المشاريع لا ترسل أي شحنات حالياً إلى أوروبا.

ومن شأن الاقتراح أيضاً أن يحظر على شركات النقل المملوكة لروسيا بنسبة 25 في المئة على الأقل العمل في الاتحاد الأوروبي.

كما وضعت المفوضية الأوروبية قائمة عقوبات تضم أكثر من 50 شركة من خارج الاتحاد الأوروبي وتخضع لقيود تجارية لتزويد روسيا بمكونات غربية ومساعدتها في التحايل على العقوبات.

كما ستتأثر شركات من الصين وهونغ كونغ وتركيا وقيرغيزستان بالعقوبات.

ولا يوجد حظر على واردات الألومنيوم في المسودة، لكن هناك حظراً على واردات الهيليوم، بينما سيتم تطبيق حظر على تصدير خام المنغنيز وآلات التعدين والشاشات والإلكترونيات على وجه الخصوص.

صادرات الغاز الروسي لأوروبا

وفقاً لبيانات الاتحاد الأوروبي، انخفضت حصة الغاز الذي تستورده الدول الأعضاء في التكتل عبر خطوط الأنابيب الروسية من 40 في المئة عام 2021 إلى نحو 8 في المئة فقط عام 2023، أما الغاز الطبيعي المسال، فإن حصة الغاز الروسي من إجمالي احتياجات الاتحاد الأوروبي قد بلغت 15 في المئة العام الماضي.

وكانت واردات الغاز المسال واحدة من أهم الطرق التي اعتمد عليها الاتحاد الأوروبي في تقليل اعتماده على الغاز الروسي؛ إذ سعى الاتحاد إلى زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من دول مثل الولايات المتحدة وقطر.

وأفادت شركة كبلر لتحليل البيانات بأن روسيا تعد ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال للاتحاد الأوروبي؛ إذ شكلت واردات الغاز الطبيعي المسال القادمة من روسيا نسبة تجاوزت 16 في المئة من إجمالي إمدادات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال العام الماضي.

ورغم انخفاض الواردات العام الماضي عن العام الذي سبقه، فإن بيانات الربع الأول من 2024، تُظهر أن صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى أوروبا ارتفعت مرة أخرى بنسبة 5 في المئة على أساس سنوي، إذ احتلت فرنسا وإسبانيا وبلجيكا الصدارة، حيث حصلت الدول الثلاث على نصيب الأسد من إجمالي الغاز الطبيعي المسال الذي استورده الاتحاد الأوروبي العام الماضي بما يصل إلى 87 في المئة.

شاركها.
Exit mobile version