في الحقبة التي تشهد تغيرات متسارعة في مجالات العمل والتوظيف “يُعد الحصول على وظيفة مثالية، لحظة رائعة يمكن أن تغير الحياة”. كما يقول جون هيل، مدير إحدى شركات التوظيف الأميركية. ومن هنا تأتي أهمية “المُوظِف” أو “مُقدم خدمات التوظيف” (Recruiter)، الذي يقوم بمساعدة الشركات للعثور على الموظفين المناسبين.

ووظيفة “مُقدم خدمات التوظيف” تصنف وظيفة يتجاوز متوسط راتبها السنوي في الولايات المتحدة أكثر من 77 ألف دولار؛ وهناك بعض الشركات التي تدفع للمُوظِف حوالي 40 ألف دولار، لتزويدها بموظف جديد؛ كما أن المكتب الأميركي لإحصاءات العمل “بي إل إس” (BLS)، يتوقع لهذه الوظيفة أن تنمو بنسبة 10% حتى عام 2030.

ومُقدم خدمات التوظيف وفقا لموقع “كورسيرا” (Coursera)، هو شخص واسع الاطلاع على مجالات الأعمال واتجاهات الوظائف، والصفات والمهارات التي تبحث عنها الشركات لتعيين موظفين جدد.

كما أنه يتمتع بمهارات الاتصال والتفاوض والإقناع، والقدرة على اكتشاف المواهب والإمكانات الخاصة. ومساعدة الأشخاص في العثور على الوظائف المناسبة لهم، وتطوير سيرهم الذاتية؛ وتنظيم المقابلات بينهم وبين الشركات، وصولا إلى الاتفاق على الرواتب والمسؤوليات والمُسمى الوظيفي.

مُقدم خدمات التوظيف يتمتع بمهارات الاتصال والتفاوض والإقناع، والقدرة على اكتشاف المواهب (وكالة الأنباء الألمانية)

خدمة مهمة قد لا تخلو من الاحتيال

ورغم أن مُقدمي خدمات التوظيف، “يمتلكون حاسة سادسة لتحديد الشخص الذي يجب أن يركزوا عليه، للعثور على أفضل المرشحين للوظيفة”، على حد قول الخبير كريس لان، إلا أن الأمر قد لا يخلو من إشارات تدل على خداع محتمل.

فقد شهد عام 2019، نحو 14 مليون ضحية لعمليات الاحتيال في التوظيف، أدت إلى خسائر بلغت مليارَي دولار.

وحذرت لجنة التجارة الفدرالية الأميركية مؤخرا، من أن “عمليات الاحتيال المتعلقة بالتوظيف في عام 2022، سببت خسائر للمتعاملين تصل إلى 367 مليون دولار”، وفق ما جاء في صحيفة “هافنغتون بوست” (Huffington Post)؛ التي تناولت 5 من أهم صور الاحتيال في هذا المجال، وفقا للخبراء.

لا وجود لهم على مواقع المنصات المهنية

إن مواقع مثل “لينكد إن” (linkedin) أو “بي بي بي” (BBB)، تُعد المكان الطبيعي للتعامل مع مُقدمي خدمات التوظيف الحقيقية؛ “ومن المريب ألا يكون لمُقدم خدمات التوظيف موقع احترافي، وأسماء شركات ومعلومات اتصال ومتابعين، على المنصات المهنية”؛ كما تقول خبيرة التوظيف غابرييل وودي.

ولكن إذا توفر هذا الشرط وبقي هناك شك في وجود احتيال لأي سبب، ففي هذه الحال تنصح الخبيرة بوني ديلبر، “بالتحقق من صحة الملف الشخصي لمقدم خدمة التوظيف، لدى الشركة التي يعمل لحسابها”، موضحة أن “أصحاب الشركات يقدرون ذلك، لأنه يكشف لهم محاولات للاحتيال”. كما توصي ميلاني ماكغفرن، مديرة العلاقات العامة بإحدى المنظمات غير الربحية لتعقب عمليات الاحتيال في مجال التوظيف، “بالتأكد من وجود الوظيفة على موقع الشركة بالفعل، قبل البدء في التحدث إلى مُقدم خدمة التوظيف”.

العثور على الوظيفة المناسبة يتطلب معرفة أفضل باحتياجات السوق والمهارات الأكثر طلبا.
معظم شركات التوظيف الشرعية لا تعلن عن رواتب عالية، لأنها تريد جذب المرشحين بناء على المهارات والخبرات (غيتي)

يكتفون بالرسائل النصية أو البريد الإلكتروني

من الإشارات الحمراء الكبرى الدالة على وجود شبهة احتيال، وفق بوني ديلبر “أن يتواصل مُقدم خدمة التوظيف أو يطلب إجراء المقابلة من خلال الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني”، أو يستخدم وسائل غير مألوفة في هذا المجال، كتطبيقات واتساب وتليغرام، على سبيل المثال. لذلك، لا توجد جهة توظيف حقيقية تستخدم المرسلات النصية في التواصل، “ومن يفعل ذلك فهو مُقدم خدمة توظيف مزيف”، بالنسبة للخبيرة ميلاني ماكغفرن؛ التي تؤكد أن “جميع المقابلات يجب أن تكون وجها لوجه، أو عبر شاشة الكمبيوتر”.

يقدمون عروض توظيف مبالغ فيها بدرجة ملحوظة

معظم شركات التوظيف الشرعية لا تعلن عن رواتب عالية، لأنها تريد جذب المرشحين بناء على المهارات والخبرات، ولكن الموظِف المحتال هو من يعرض راتبا مزيفا لاستدراج المرشح للوظيفة.

كما أن مقدمي خدمات التوظيف غالبا “لا يقدمون وظائف جيدة جدا لدرجة يصعب تصديقها”، كما تقول ماكغفرن. أما الموظِفون المحتالون فينجحون عادة “من خلال الضغط على مشاعر الخوف أو الإثارة لدى طالب الوظيفة، لدفعه لاتخاذ قرار دون النظر إلى الثغرات المنطقية في ما يقدم له من عروض”.

لذلك تحذر الخبيرة بوني ديلبر، “إذا كانت مسؤوليات الوظيفة غامضة، وفوائدها مُبهرة للغاية، ولا تتطلب خبرة سابقة، فمن المحتمل أن تكون هذه عملية احتيال في التوظيف”.

يطلبون أموالا ومعلومات خاصة

مُقدمو خدمات التوظيف الحقيقية، لا يشترطون أي شكل من أشكال دفع الأموال أو تبادل المعلومات الشخصية، مقابل تقديم عروض الوظائف أو إجراء مقابلات العمل. وقد حذرت لجنة التجارة الفدرالية على موقعها، من “أن يطلب مُقدم خدمة التوظيف شيكا، بحجة تغطية متطلبات الوظيفة”.

كما اعتبرت محاولة مُقدم خدمات التوظيف الحصول على معلومات حساسة -كبيانات التأمين الاجتماعي أو بطاقة الائتمان أو الحساب المصرفي، أو معرفة مكان إقامة الشخص، أو ما إذا كان متزوجا أم أعزب؛ أو أي معلومات خاصة أخرى خارج نطاق الموضوع- “بمثابة جرس إنذار على عمليات احتيال”.

وهو ما أكدته غابرييل وودي بقولها “إن طلب المال أو المعلومات الشخصية من قِبل مُقدم الوظيفة، يُعد أكبر إشارة حمراء على الاحتيال”، وأوضحت أن الأشياء التي يجب تقديمها، تتعلق بالخبرات المهنية والمهارات والاحتياجات الوظيفية فقط”.

يعدون بالتوظيف فورا

الاستعجال في التوظيف وطلب رد المرشح في غضون 24 ساعة، يُعد أحد الأمثلة على الاحتيال، “حيث يستغل المحتالون شعور معظم الباحثين عن عمل، بالحاجة الملحة إلى التوظيف، مما يجعلهم متوترين وقلقين للغاية بشأن اتخاذ القرار”.

في المقابل، من غير الممكن أن يعد الموظِف الحقيقي بتوفير وظيفة على الفور أو بدون مقابلة، حيث يستغرق الأمر عادة اتصالات ومحادثات قد تستمر لأسابيع أو شهور؛ تتضمن طرح أسئلة حول الخبرات الوظيفية، وتُتيح للمرشح معرفة المزيد عن الوظيفة، قبل الوصول إلى مرحلة الاتفاق على العمل. “وهو ما يقتضي الحذر من عملية التوظيف المتسرعة” كما تقول بوني ديلبر، مُنبهة إلى أنه “حتى لو تبين أن الوظيفة السريعة حقيقية، فمن المؤكد أنها سوف تكون وظيفة غير مستقرة، حيث تشير إلى أن الشركة ليس لديها معايير توظيف جيدة”.

شاركها.
Exit mobile version