قال باحثان أميركيان إن الدعم الذي تحصل عليه روسيا من الصين وإيران وكوريا الشمالية عزز موقفها في قتالها ضد أوكرانيا، وقوّض، من ثم، محاولات الغرب لعزلها وأضر بكييف.

وذكرت مديرة برنامج الأمن عبر الأطلسي في مركز الأمن الأميركي الجديد، أندريا تايلور، وزميلها الرئيس التنفيذي بالمركز ريتشارد فونتين، أن هذا التعاون ليس سوى قمة جبل الجليد.

ووفقا للباحثين في مقالهما المشترك بمجلة “فورين أفيرز”، فإن التعاون بين الدول الأربع ظل يمضي في توسع قبل عام 2022، لكن الحرب في أوكرانيا أدت إلى تسريع وتيرة العلاقات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والتكنولوجية بينها.

كما تتعاون الدول الأربع في صياغة مصالحها المشتركة، وتنسق خطاباتها وأنشطتها العسكرية والدبلوماسية. ويحذر الباحثان من أن تقارب تلك الدول يؤدي إلى تأسيس محور جديد من الاضطرابات؛ وهو تطور سيغير -برأيهما- المشهد الجيوسياسي بشكل جذري.

تغيير النظام الدولي

ومع ذلك، فإن تايلور وفونتين يعتقدان أن هذه القوى ليست كتلة مقصورة على الأربع وحدها، وليست تحالفا بكل تأكيد؛ بل عبارة عن مجموعة من الدول “الناقمة” التي تجتمع على هدف مشترك يتمثل في قلب المبادئ والقواعد والمؤسسات التي يقوم عليها النظام الدولي السائد.

وعندما تتعاون تلك الدول الأربع فإن أفعالها سيكون لها تأثير أكبر بكثير من جهودها الفردية مجتمعة، بحسب المقال الذي يضيف كاتباه أن ذلك يتم من خلال عملها المشترك على تعزيز القدرات العسكرية لبعضها بعضا؛ وإضعاف فعالية أدوات السياسة الخارجية الأميركية، بما في ذلك العقوبات؛ وإعاقة قدرة واشنطن وشركائها على فرض القواعد العالمية.

ويتابع تايلور وفونتين بالقول إن هدف هذه الدول الجماعي هو خلق بديل للنظام الحالي الذي يعتبرونه خاضعا لهيمنة الولايات المتحدة.

غير أن العديد من المراقبين الغربيين يستبعدون أي تبعات قد تترتب على التنسيق بين الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا، ذلك أن هناك خلافات بين هذه الدول، وقد يحد تاريخ من عدم الثقة والانقسامات المعاصرة من تطوير علاقاتها، وفق ما ورد في المقال.

زعزعة الاستقرار

ويزعم الكاتبان أن الهدف المشترك لهذه الدول هو إضعاف الولايات المتحدة ودورها القيادي ويوفر رابطا قويا في أماكن عديدة من آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.

ويرى الكاتبان أن التعاون بين أعضاء هذا المحور ليس بالأمر الجديد؛ فقد ظلت الصين وروسيا تعملان على تعزيز شراكتهما منذ نهاية الحرب الباردة، والتي تطورت سريعا بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم إليها؛ وتضاعف نصيب الصين في التجارة الخارجية الروسية من 10% إلى 20% بين عامي 2013 و2021، وبين عامي 2018 و2022. كما مثلت صادرات روسيا 83% من احتياجات الصين للأسلحة.

من جانبها، رأت كوريا الشمالية في الصين الحليف الأساسي لها وشريكتها التجارية لعقود من الزمن، وحافظت كوريا الشمالية وروسيا على علاقات دافئة، إن لم تكن جوهرية بشكل خاص، وفق مقال “فورين أفيرز”.

أما إيران فقد درجت على شراء صواريخ من كوريا الشمالية منذ ثمانينيات القرن الماضي. ويزعم المقال أن بيونغ يانغ زوّدت حلفاء إيران في الشرق الأوسط بالأسلحة.

حرب أوكرانيا

على أن حرب روسيا على أوكرانيا في عام 2022 كانت العامل الذي أدى إلى التعجيل بالتقارب بين هذه الدول الأربع بطرق تتجاوز روابطها التاريخية.

ويزعم الباحثان الأميركيان أن التعاون المتنامي بين الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا يتغذى على معارضتها المشتركة للنظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب، وهو العداء المتأصل في اعتقاد هذه الدول بأن هذا النظام لا يمنحها المكانة أو حرية العمل التي تستحقها، حيث تطالب كل دولة بمنطقة نفوذ.

وترى الدول الأربع مجتمعة أن الولايات المتحدة هي العقبة الرئيسية أمام إنشاء مناطق نفوذها، وتريد تقليص وجود واشنطن في مناطقها، على حد تعبير المقال.

ويدعي الكاتبان أن الغرب لديه كل المقومات لتحقيق النصر في تنافسه مع المحور الجديد؛ إذ يتفوق عليه اقتصاديا وعسكريا من حيث قوة جيوشه، وقيمه، ومكانته الجغرافية، إلى جانب نظامه الأكثر استقرارا.

وختم فونتين وتايلور مقالهما بالتأكيد على أن المحور الجديد غيّر بالفعل الصورة الجيوسياسية، لكن لا يزال بإمكان واشنطن وشركائها ردع هذه الدول الأربع.

شاركها.
Exit mobile version