|

رغم العناوين المثيرة، فإن الوثائق العسكرية الروسية المسربة التي تناقش الظروف (بما في ذلك سيناريو غزو صيني) التي قد تلجأ إليها موسكو المحاصرة لاستخدام الأسلحة النووية ليست مفاجئة، ولا ينبغي لأحد أن يحتار بشأن سبب وجود خطط طوارئ للجيش الروسي للتعامل مع غزو صيني محتمل.

ومع ذلك، فإن أحد الأسباب وراء عدم تحقيق أي تقدم مطلقا في خفض الأسلحة التكتيكية بشكل كبير، رغم أن هذه المقترحات مطروحة على الطاولة بعد نجاح معاهدة 1987 للقذائف النووية متوسطة المدى، هو أن روسيا تنظر إلى هذه الأسلحة باعتبارها قدرة أخيرة لحماية الدولة الروسية في حالة الانهيار الكامل أو هزيمة قدراتها العسكرية التقليدية، وفق مقال بموقع إنترسبت الأميركي.

وتساءل نيكولاس كي غفوسديف، كاتب المقال: هل تغير هذه التسريبات أي شيء، وخاصة ما يتعلق بالخطط الروسية لاستخدام مثل هذه الأسلحة لوقف غزو صيني؟

ويعلق غفوسديف، وهو مدير برنامج الأمن القومي في معهد أبحاث السياسة الخارجية، بأن مهمة المؤسسات العسكرية في جميع أنحاء العالم هي تصور أي سيناريو والاستعداد له، بغض النظر عن مدى احتمالية حدوثه. فقد حافظت الولايات المتحدة على خطط حربية لغزو كندا حتى القرن الـ20.

وجهة نظر طويلة المدى

ولفت إلى أن فكرة التخطيط على أساس القدرات (في مقابل التخطيط على أساس السيناريوهات) تفترض أن الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة للتغلب على القدرات بدلا من الثقة في أن الأيدي التي تستخدم تلك القدرات ستكون صديقة ولن تستخدمها ضد الولايات المتحدة أو مصالحها.

وأردف الكاتب بأن هيئة الأركان العامة الروسية تتبنى وجهة نظر طويلة المدى في هذا الشأن. فقد كان الشركاء الحاليون اليوم، بما في ذلك تركيا والصين، في الماضي منافسين إستراتيجيين.

وتظل مؤسسة الأمن القومي الروسية تسترشد بمبدأ القيصر ألكسندر الثالث، الذي قال إن حلفاء روسيا الحقيقيين والدائمين هم جيشها وقواتها البحرية. وبعبارة أخرى تنظر روسيا إلى شراكاتها من منظور معاملاتي وظرفي في الأساس.

وأوضح غفوسديف أن أنقرة وبكين عارضتا موسكو في الماضي، لكنهما تتعاونان اليوم لأنه في مصلحتهما القيام بذلك. وإذا تغيرت هذه الحسابات، تتغير العلاقة أيضا.

ويرى أن هذه الوثائق الروسية ربما تكون قد سُربت إستراتيجيا، في هذه المرحلة بالذات في الوقت المناسب، لتذكير الصين (والولايات المتحدة) بأن روسيا تفكر في وضع عتبة أدنى للاستخدام النووي كتحذير من استغلال نقاط الضعف الروسية.

والجميل في هذا التسريب، كما يقول الكاتب، هو أن الكرملين يستطيع أن ينأى بنفسه رسميا عن الوثائق (بل ويدعي أنها قديمة) بينما يواصل تحقيق هدفه. ويمكن تذكير الصين بأن الصراع مع روسيا سيكون مكلفا، ويمكن تلبية أهداف بكين ورغباتها بشكل أفضل من خلال التعاون المستمر ضمن الإطار الحالي للعلاقات الصينية الروسية.

وختم الكاتب بقوله: “نعم قد يكون الدب مريضا، لكن مخالبه تظل حادة”.

شاركها.
Exit mobile version