أكد موكتيش بارديشي، مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية، التزام بلاه الشراكة الاستراتيجية مع السعودية، لافتاً إلى أن حصة الحجاج الهنود لهذا العام بلغت أكثر من 175 ألف نسمة.

وأشار إلى أن نيودلهي نشرت أكثر من 12 سفينة حربية شرق البحر الأحمر لتوفير الأمن ضد القراصنة، مشدداً على قلق الهند البالغ إزاء التهديدات الحوثية للملاحة البحرية.

لقاءات ناجحة

بارديشي تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن أهداف زيارته الرياض ومضامين اللقاءات التي أجراها مع المسؤولين السعوديين، وقال: «تأكيداً لالتزامنا الازدهار المتبادل والتعاون بمختلف المجالات، شاركتُ في سلسلة لقاءات مكثفة في الرياض، بغية تعزيز العلاقة طويلة الأمد والشراكة متعددة الأوجه بين الهند والمملكة من جانب، وبين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي من جانب آخر».

وأوضح أنه بحثت مع نائب وزير الحج، الدكتور عبد الفتاح مشاط، «الترتيبات اللوجيستية وتطويرات البنية التحتية لضمان تجربة حج سلسة ومريحة لحجاجنا، وكجزء من حصة الحج لعام 2024، سيبدأ إجمالي 175.025 ألف حاج هندي رحلتهم الروحانية إلى المملكة»، إضافةً إلى بحث أوضاع الجالية الهندية بالسعودية، التي يبلغ عددها 2.4 مليون نسمة، وسبل الاستفادة من المبادرات المستقبلية، التي تهدف إلى تحسين رفاهيتهم بشكل عام واندماجهم داخل المجتمع السعودي.

شراكات استراتيجية

موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)

ولفت إلى أنه ناقش مع الدكتور سعود الساطي، نائب الوزير للشؤون السياسية بالخارجية السعودية، سبل تعزيز العلاقات الدبلوماسية والتعاون في المسائل ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب استكشاف سبل التعاون الاقتصادي، ومع الدكتور رعد البركاتي، الرئيس والمدير التنفيذي للمركز السعودي للشراكات الاستراتيجية الدولية، فرص الاستثمار بمجالات البنية التحتية ونقل التكنولوجيا.

وناقش أيضاً مع مساعدَي الوزراء لشؤون الكهرباء والبترول والغاز د.ناصر القحطاني ومحمد إبراهيم على التوالي، التعاون في مجال الطاقة.

وبحث المسؤول الهندي مع الدكتور عبد العزيز العويشق، الأمين العام المساعد لدول مجلس التعاون الخليجي، تعزيز العلاقات الهندية – الخليجية، وتوسيع التعاون بمجالات التجارة والأمن والتبادل الثقافي.

العلاقات السعودية – الهندية

وقال بارديشي: «منذ الاستقلال، تطورت العلاقات الهندية – السعودية إلى شراكة استراتيجية متعددة الأوجه، وذات منفعة متبادلة، تشمل التبادلات الثقافية والتعاون الدفاعي والأمني ​​والتجارة والاستثمارات والرعاية الصحية والتكنولوجيا وأمن الطاقة والأمن الغذائي».

وأضاف: «حصلت العلاقات الثنائية على مزيد من الزخم مع زيارات رئيس وزرائنا للمملكة في عامي 2016 و2019، وزيارات ولي العهد رئيس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، للهند في عام 2019، حيث أُنشئ مجلس الشراكة الاستراتيجية الهندية – السعودية».

وأشار بارديشي إلى زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، الهند من 9 إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2023 للمشاركة في قمة قادة مجموعة العشرين، واصفاً الزيارة بأنها «تاريخية وحققت نجاحاً هائلاً، إذ عززت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، خصوصاً أنه خلال الزيارة جرى توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات مختلفة من الجانبين في مختلف المجالات، فكانت زيارة ولي العهد السعودي للهند».

وقال: «نرى أن (رؤية المملكة 2030) توفر فرصاً هائلة توسع الشراكة الهندية – السعودية، تشمل الطاقة المتجددة والصحة والإسكان والسياحة والزراعة والأمن الغذائي وتصنيع الأغذية، والخدمات اللوجيستية، وتنمية المهارات، والفضاء، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات… تعد (رؤية 2030) مكمِّلة لسياسات الهند الخاصة مثل (صنع في الهند)، و(الهند الرقمية)، و(الهند الناشئة)».

موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)

وتابع: «كان الإعلان عن مشروع الممر بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEEC) خلال زيارة ولي العهد السعودي، بمثابة حدث تاريخي، سيوفر فرصاً في مجالات الاتصال والخدمات اللوجيستية والطاقة والبيانات، ويعزز تعاوننا الاقتصادي، وسنحافظ على الزخم والعمل على إبرام الاتفاقات الأولية في المجال».

التجارة والاقتصاد

شدد مساعد وزير الخارجية الهندي على أن بلاده تعد ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، في حين أن المملكة هي رابع أكبر شريك تجاري للهند، مبيناً أن قيمة التجارة البينية، تبلغ نحو 52.75 مليار دولار (2022 – 2023)، بينما بلغت قيمة الصادرات الهندية إلى المملكة 11.56 مليار دولار بين عامي 2023 و2024.

ووفق بارديشي، فإن السعودية تعدّ شريكاً رئيسياً للهند في ضمان أمن الطاقة، مبيناً أن المملكة كانت ثالث أكبر مصدر للنفط الخام للهند في فترة 2022 – 2023.

وأضاف بارديشي: «كان التركيز سابقاً على الطاقة المتجددة. والعام الماضي وقَّع البلدان اتفاقية بشأن الاتصال بالشبكة، والتطوير المشترك للمشاريع، والإنتاج المشترك للهيدروجين الأخضر النظيف والطاقة المتجددة».

ولفت إلى أن قطاع الطاقة أسهم في تنويع سلة التجارة، وتضاعفت صادرات الهند على مدى السنوات الخمس الماضية، وتشمل المواد الغذائية، والمنسوجات، وقطاع السيارات والآلات، مشيراً إلى المشاريع المشتركة، وتبادل الابتكار.

العلاقات الاستثمارية

وأكد بارديشي أن الشركات الهندية استثمرت في المملكة بمجالات الإدارة والاستشارات والإنشاءات والاتصالات السلكية واللاسلكية، إلى جانب تكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والأدوية، فيما استقبلت بلاده استثمارات صندوق الاستثمارات العامة؛ وبعض الشركات المملوكة للدولة والخاصة.

وقال: «تتمتع الهند بقطاع الشركات الناشئة النابض بالحياة، حيث قررنا مؤخراً تعميق تعاوننا في هذا القطاع، من خلال إطلاق جسر للشركات الناشئة»، مشيراً إلى أن اتفاقية ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا تعزز مجالات الاتصال والمواصلات والخدمات اللوجيستية، وتغيّر قواعد اللعبة لربط ثلاث قارات.

التجربة الهندية في خضمّ التهديدات الحوثية

وحول الموقف الهندي من التهديدات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر، قال بارديشي: «تشكل الهجمات على السفن التجارية مصدر قلق للهند، ما يؤثر في الروابط التجارية ويعرِّض حياة البحارة للخطر، ولذا تدعم الهند مبدأ حرية الملاحة في البحر الأحمر».

موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)

ووفق بارديشي، فإن الهند تراقب عن كثب التطورات في المنطقة، إلى جانب التحذيرات الأمنية لمختلف وكالات الشحن للتعامل مع أي هجوم محتمَل، ولذا تحافظ البحرية الهندية على وجود قوي في خليج عدن والمحيط الهندي لمساعدة السفن التجارية على المرور الآمن.

وأوضح أن بلاده نشرت أكثر من 12 سفينة حربية شرق البحر الأحمر لتوفير الأمن ضد القراصنة، حيث حقّق أفراد البحرية الهندية، بما في ذلك قوات الكوماندوز الخاصة، مع عديد من السفن والقوارب الصغيرة خلال الأشهر الماضية، وصعدوا على متن كثير من هذه السفن من أجل حماية حرية الملاحة في المياه الدولية.

وتابع بارديشي: «كانت هناك عدة حوادث جاءت فيها البحرية الهندية لإنقاذ سفن الشحن المعرَّضة للهجوم. وفي حادث وقع في يناير (كانون الثاني) 2024، استجابت المدمرة البحرية الهندية (INS Visakhapatnam) بنجاح لنداء استغاثة من السفينة التجارية (M.V.Genco Picardy) التي ترفع علم جزيرة مارشال، عقب هجوم بطائرة من دون طيار شنه الحوثيون».

وزاد: «في مارس (آذار) 2024، استولت القوات البحرية الهندية، بما في ذلك قوات الكوماندوز الخاصة، على سفينة شحن في بحر العرب اختطفها قراصنة صوماليون وأنقذت 17 من أفراد الطاقم. استسلم جميع القراصنة الخمسة والثلاثين، الذين كانوا على متن سفينة الشحن (MV Ruen) التي ترفع العلم المالطي، وجرى فحص السفينة بحثاً عن وجود أسلحة وذخائر وممنوعات غير قانونية».

وشرح بارديشي أن البحرية الهندية جاءت لإنقاذ الناقلة «MV Andromeda Star»، التي تعرضت لهجوم صاروخي من المسلحين الحوثيين بالقرب من اليمن في 26 أبريل (نيسان)، ونشرت البحرية الهندية المدمرة «INS Kochi» لمساعدة الناقلة، وأجرت استطلاعاً جوياً وأطلقت عملية للتخلص من الذخائر المتفجرة، موضحاً أن فريقاً لتقييم التهديد أبلغ عن سلامة جميع أفراد الطاقم الثلاثين، بمن في ذلك 22 هندياً.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version