فقدت الساحة الفنية أمس الأربعاء المطربة الجزائرية حسنة البشارية الشهيرة بمغنية الروك الصحراوية عن عمر (74 عاما).

وكانت الصفحة الرسمية لوزارة الثقافة والفنون الجزائرية على فيسبوك قد أعلنت نبأ رحيل الفنانة الجزائرية حسنة البشارية، وكتبت الوزارة في بيانها “تلقت وزيرة الثقافة والفنون، الدكتورة صورية مولوجي بكثير من الحزن والأسى، نبأ وفاة المغفور لها بإذن الله الفنانة القديرة، أيقونة الغناء القناوي الجزائري حسنة البشارية رحمها الله، عن عمر يناهز 74 سنة، وبهذه المناسبة الحزينة، تتقدم السيدة الوزيرة بأسمى عبارات التعازي والمواساة لعائلتها الصغيرة وكل العائلة الفنية، متضرعة إلى العلي القدير أن يتغمد الفقيدة برحمته الواسعة، ويسكنها فسيح جناته رفقة الصديقين والشهداء والصالحين”.

 

وكانت الإذاعة الجزائرية أعلنت خبر رحيلها داخل أحد المستشفيات في مدينة بشار، حيث أصيبت بوعكة صحية أثناء جولتها الفنية الأخيرة في بشار، ودفن جثمانها اليوم الخميس الثاني من مايو/أيار الجاري في مقابر مدينة بشار الجزائرية.

وقالت زاهية نايري ابنة شقيقتها في تصريحات تلفزيونية لإحدى القنوات الجزائرية إنها تعرضت لوعكة صحية قبل أيام قليلة، وإن الأطباء أكدوا أن سبب الوفاة هو ضغط الدم.

مغنية الروك الصحراوية

اكتسبت حسنة البشارية اسمها الفني من محل ميلادها في مدينة بشار جنوب غرب الجزائر عام 1954، واسمها الحقيقي حسنة حسينات، ووالدها كان مُقدّم فرقة قناوة، وكان جدها عازفا.

وتعود أصول والدها إلى مدينة أرفود بالمغرب، قبل أن ينزح إلى الجزائر سعيا للرزق، ووالدتها مباركة من مدينة القنادسة الجزائرية، وقد عاشت في طفولتها ظروفا قاسية خاصة بعد زواج والدها بامرأة أخرى، وأصيبت والدتها بمرض السكري ثم العمى، فكانت حسنة رغم صغر سنها المسؤولة عن والدتها وأشقائها، فبدأت العمل مبكرا في سن صغيرة.

حسنة البشارية حرصت خلال مسيرتها على التعريف بالتراث الجزائري المعروف في منطقة الجنوب (مواقع التواصل الاجتماعي)

وكان والدها يعزف على آلة القمبري واحترف فن الديوان، مما جعلها تميل إلى الموسيقى منذ صغرها، وتعلمت العزف على آلة القُمبري، وبحسب الصحف الجزائرية فهي المرأة الجزائرية الوحيدة التي تعزف على هذه الآلة التي كانت حكرا على الرجالة فهي آلة من 3 أوتار خاصة بموسيقى القناوي، فكانت وهي صغيرة تأخذ آلة والدها خلسة كي تتعلم عليها، ثم تعيدها مجددا، وتعلمت لاحقا العزف على آلات موسيقية متنوعة مثل العود العربي والهارمونيكا.

كونت حسنة فرقة نسائية مع زميلاتها من العازفات والمطربات، وقدمن فقرات في الأعراس واشتهرن محليا، رغم المضايقات التي تعرضن لها، فكانت تغني في الأعراس من أجل أن تنفق على علاج والدتها.

وفي منتصف السبعينيات قدمت وفرقتها حفلا نظمه الاتحاد العام للنساء الجزائريات بمدينة تاغيت، في أواخر التسعينيات من القرن الماضي جاءتها الفرصة لتشارك في عدد من الحفلات في فرنسا بصحبة عدد من الفنانين الجزائريين، وكان من بينهن المطربة الجزائرية الشهيرة سعاد ماسي.

وشاركت حسنة بالغناء في حفل بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وهناك قدمت أغنيتها “حافية القدمين” وعزفت على آلة القمبري، وحظيت بشعبية كبيرة، مما دفع إحدى شركات الإنتاج للتعاقد معها لإطلاق أول ألبوم غنائي “الجزائر جوهرة” الذي حقق نجاحا كبيرا على مستوى اللحن والإيقاع الصحراوي، وأطلقت بعده ألبوم “اسمع” الذي حقق لها نجاحا كبيرا، وشاركت في جولات فنية في إسبانيا وألمانيا والدانمارك وأمستردام، وكندا إلى جانب حفلاتها في المغرب وتونس ومصر، وشاركت الفنان الإيطالي إيجونيو بيناتو حفلا غنائيا في إيطاليا.

Hakmet lakdar

امتدت مسيرة حسنة البشارية إلى أكثر من 50 عاما، وتركت تأثيرا في مسار العديد من الفنانين، ومنهم الفنانة سعاد عسلة التي أسست فرقة “لمة بشارية”.

وقد حرصت حسنة البشارية خلال مسيرتها على التعريف بالتراث الجزائري خاصة المعروف في منطقة الجنوب، مثل الغناء التقليدي والمعروف باسم “الزفانات” و”الجباريات”، وغناء “الفردة” النسوية، و”الحيدوس” و”الشلالي”، وهي أنواع غنائية نادرا ما تقدم أمام الجمهور الواسع.

وفي عام 2020، عادت حسنة البشارية للغناء منفردة، وانفصلت عن الفرقة عبر ألبومها الذي طرحته وقتها “ألوان الصحراء”، وقد لقبت بالعديد من الألقاب خلال مسيرتها منها لقب “مغنية الروك الصحراوية”، إلى جانب لقبها بعميدة موسيقى الديوان النسوية.

تكريم وإرث فني

حصلت حسنة البشارية على وسام بدرجة “عشير” من مصف الاستحقاق الوطني تقديرا وتكريما لها، وتم تقديم فيلم وثائقي عن مسيرتها بعنوان “مغنية الروك الصحراوية” أخرجته الجزائرية الكندية سارة ناصر.

وكان آخر حفلات الفنانة الراحلة مشاركتها في مهرجان أرابيسك في مدينة مونبلييه في سبتمبر/أيلول العام الماضي مع فرقتها النسائية، وأحيت في فبراير/شباط الماضي حفلها الأخير في مدينة باريس، قبل أن ترحل عن عالمنا أمس، وتركت لجمهورها ومحبيها إرثا فنيا وموسيقيا كبيرا، واستطاعت أن تجعل للمرأة الجزائرية مكانة فنية كبيرة.

شاركها.
Exit mobile version