مؤتمر الخليج الـ15 للمياه يبحث تسخير إمكانات التقنيات الحديثة لتحقيق إدارة فعالة للمياه

❖ حسين عرقاب

انطلقت أمس أعمال مؤتمر الخليج الخامس عشر للمياه، الذي تستضيفه الدوحة على مدار ثلاثة أيام، وذلك تحت تنظيم المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء “كهرماء” بالتعاون مع جمعية علوم وتقنية المياه الخليجية والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث سيتم مناقشة السبل المثلى لتسخير إمكانات التقنيات الحديثة في تحقيق إدارة فعالة للمياه في دول مجلس التعاون الخليجي، ومناقشة الفوائد والتكاليف والمخاطر والقدرات البشرية المطلوبة والعوائق التي تواجه تنفيذ هذه الإدارة، وذلك بمشاركة 20 متحدثا سينشطون سبع جلسات رئيسية تتناول أبرز محاور وتحديات القطاع.

خلال كلمته الافتتاحية لمؤتمر الخليج 15 للمياه رحب سعادة المهندس عيسى بن هلال الكواري، رئيس المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء “كهرماء” بالمشاركين في المؤتمر، معتبرا تحقيق الأمن المائي تحديا عالميا، يزيد من وقعه التغير المناخي، حيث يوجد حوالي 2.5 % من المياه على كوكب الأرض من المياه العذبة الصالحة للاستهلاك، مشيرا إلى أن أكبر مصادر المياه العذبة هي المياه الجوفية التي تواجه أخطار عدم الحماية أو الاستهلاك الجائر، كما نواجه تحديات أخرى تتعلق بندرة المياه حيث يعيش حوالي 4 مليارات شخص بالعالم في مناطق تعاني من ندرة المياه وفقا لتقرير لمنظمة اليونسكو.

    التغير المناخي

وأضاف الكواري أن التغير المناخي يزيد من عمق التحدي على المياه، مثل زيادة مستوى سطح البحر وتغير أنماط الأمطار وانقطاعها، وزيادة تكثيف الدورة المائية مما يؤدي إلى الفيضانات والجفاف ويؤثر على الأمن المائي، خاصة في ظل غياب السياسات والاستراتيجية المائية للدول التي تضمن استدامة الموارد المائية، مبينا ضرورة الاستعداد لهذه التحديات عبر وضع خطط استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة لجميع قطاعات المياه ولتحديد الأولويات والتوسع في عدة مشاريع ومنها مشاريع معالجة المياه باستخدام التكنولوجيا الخضراء.

    التحديات الموجودة

وقال رئيس المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء “كهرماء” إن قطر كغيرها من الدول تواجه العديد من التحديات، ومن بينها شح المياه الجوفية العذبة نظراً لندرة الأمطار واستخدام كميات كبيرة من المياه الجوفية في استهلاك المزروعات، ما يستدعي التوسع في قطاع المياه المعالجة باستخدام التكنولوجيا المتطورة واتباع أفضل الممارسات العالمية وتحديد أولويات لاستخدامها، لافتا إلى اسهامات جهود اللجنة الدائمة للموارد المائية منذ انشائها في الكثير من الإنجازات، وأهمها الانتهاء من اعداد سياسة الأمن المائي والاستراتيجية المائية للدولة حتى 2030، والتي تضمنت 5 عناصر أساسية تتعلق بالحوكمة المتكاملة، والبنية التحتية الذكية، والنظام البيئي المستدام، وإدارة جانب الطلب، وإدارة جودة ملائمة الغرض، والابتكار.

    أحدث التقنيات

ولتحقيق تلك الأهداف التي تتوافق مع رؤية قطر في تحقيق التنمية المستدامة والتي رسختها استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، صرح الكواري أن إجمالي موارد المياه بلغ حوالي 1155 مليون متر مكعب خلال عام 2022، شكلت منها المياه المحلاة 56 % منها، فيما تقاسمت المياه الجوفية ومياه الصرف الصحي المعالجة الباقي، ما يمكننا من القول إن قطر قد حققت مؤشرات الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة الخاص بالمياه والصرف الصحي، مبينا الاعتماد على أحدث التقنيات العالمية في محطات تحلية المياه، بما فيها تقنية التناضح العكسي التي تسهم حاليا في إنتاج قرابة 30% من المياه المحلاة بالدولة.

    سعة احتياطية

وتابع الكواري أنه ولتغطية الطلب المتنامي على المياه نظراً للنهضة الشاملة التي تشهدها الدولة، نعمل على ضمان وجود سعة إنتاجية احتياطية لا تقل 10 % مع اتباع أفضل الممارسات العالمية في توفير كفاءة الطاقة، مؤكدا حرص قطر على اتباع أفضل الأساليب في المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الصحي في سياستها لإعادة التدوير، حيث يتم الاستخدام الأمثل لنحو خمسة وسبعين في المئة منها في مجالات الري، والزراعة، والتبريد، وغيرها، مع العمل على تطبيق أحدث معايير كفاءة استخدام المياه بكافة القطاعات والتوعية بترشيدها ولوائحها وتقنيتها من خلال البرنامج الوطني للترشيد وكفاءة الطاقة “ترشيد”.

    تسخير الإمكانات

واعتبر الكواري المؤتمر الذي الذي يقام تحت شعار “إدارة تواكب تكنولوجيا العصر” خطوة مهمة لمناقشة تسخير إمكانات التقنيات في مجالات عدة بالقطاع مثل إدارة جانبي العرض والطلب لتحقيق إدارة فعالة للمياه ولرفع القدرات على إدارة الموارد المائية بفاعلية وتكريس الاستخدامات التقنية الفاعلة والحديثة والاستراتيجيات الناجحة لتحقيق أهدافنا، ففي عصر تتسارع فيه التكنولوجيا، داعيا إلى التعاون التعاون المشترك لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة، آملا أن تسهم أعمال هذا المؤتمر من جلسات نقاشية وورش عمل تدريبية وأوراق عمل متميزة في بلورة الرؤى نحو الموضوعات المطروحة للنقاش والخروج بتوصيات تسهم في رفع قدرات إدارة الموارد المائية.

   أهمية التكنولوجيا

من جانبه رحب المهندس عبدالرحمن المحمود رئيس مجلس إدارة جمعية علوم وتقنية المياه الخليجية نيابة عن مجلس ادارة جمعية علوم وتقنية المياه الخليجية وجميع منتسبيها بالمشاركين في مؤتمر الخليج الخامس عشر للمياه، قائلا ان المؤتمر سيعمل على تسليط الضوء على التكنولوجيا لما لها من أهمية متزايدة في رفع كفاءة قطاع المياه وتعزيز مستوى استدامته، معتبرا دول مجلس التعاون من البلدان الرائدة في مواكبة التطورات التكنولوجية والاخذ بأحدثها للارتقاء بالعمل سواء في جانب انتاج المياه او جودتها او نقلها وتوزيعها او في اساليب ترشيد استهلاكها في كافة القطاعات.

    ريادة عالمية

وتابع المحمود: ونظرا لكون دول مجلس التعاون تمثل الرقم الأعلى في انتاج تحلية مياه البحر، وهي التي تأتي في مقدمة مناطق العالم في هذا المجال بما تزيد نسبته عن 40 % من الانتاج العالمي، كان لزاما علينا الاهتمام بجوانب البحوث والدراسات وطرق التحلية وما يتبع ذلك من تفاصيل معقدة الى لحظة وصول المياه في اقصى درجات الصلاحية للاستهلاك، وكذلك في مجال استخدام التقنيات الحديثة في ري المزروعات وفي معالجة المياه العادمة على اختلاف مصادرها وصولا لجعلها صالحة للاستخدام في جوانب مختلفة وما يلزم ذلك من عمليات رقابة جودة ووضع مواصفات قياسية تبعا لذلك، وكذلك في مجال بناء السدود وحصاد مياه الامطار لتحقيق اقصى درجات الاستفادة منها كون منطقتنا تقع ضمن المناطق الصحراوية وشبه الجافة مما يتطلب من الجهات التعاون بشكل اكبر في دعم تنفيذ البحوث العلمية وتطبيقاتها التي توفر نتائجها قاعدة صلبة للجهات التنفيذية لمواصلة الارتقاء بأعمالها لتبقى في مقدمة المستفيدين من التقنيات الحديثة بل والمشاركة في تطويرها.

   منبر هام

بدوره اعتبر الدكتور محمود أبوزيد رئيس المجلس العربي للمياه المؤتمر منبرا هاما لمناقشة قضايا حيوية تتعلق بإدارة المياه في دول مجلس التعاون الخليجي، واصفا إياه بالخطوة الجديدة في رحلة مستقبل مائي أفضل، من خلال العمل على تبادل الأفكار والتجارب حول كيفية الوصول إلى الهدف المشترك وهو الأمن المائي، مشيرا إلى المحاور الرئيسية التي سيتم مناقشتها، ومن أبرزها تحديات إدارة المياه في منطقة الخليج التي يتلخص مجملها في الإدارة المتكاملة للموارد المائية شاملة التوسع في استخدام الموارد المائية غير التقليدية، وتنمية سياسات الحفاظ على المياه وتحسين نوعيتها.

وقال أبو زيد إنه ومن خلال عروض ومناقشات محاور المؤتمر سيتم معرفة كيفية استخدام التكنولوجيا والابتكار في تعظيم الاستفادة من الموارد المائية، مثل استخدام تقنيات الري الحديثة وتحلية المياه وتحسين عمليات إعادة تدوير المياه، إذ تعزز هذه الابتكارات الكفاءة في استخدام المياه وتساهم في تحقيق الاستدامة وتوفير الموارد المائية، داعيا إلى التركيز أيضا على على أهمية الإدارة البيئية في الخطط الإقليمية المتكاملة في ظل نظام من المسؤولية المشتركة، مبديا في الأخير دعم المجلس العربي للمياه التام للجهات المنظمة للمؤتمر، وهي للمؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء، وجمعية علوم وتقنية المياه الخليجية، متطلعا لمزيد من التعاون المثمر والبناء، مع التأييد الكامل لشعوب دول الخليج في حقهم الكامل في الحصول على مياه آمنة ومتاحة بسهولة للاستخدام البشري، في ظل سلام كامل بالمنطقة وعلاقات طيبة مع الجيران من الدول المشاركة في نفس الموارد المائية.

    أولويات الاستقرار

من ناحيته، شدد الدكتور حمو العمراني من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا الأسكوا، أن الأمن المائي أصبح من أولويات الاستقرار والازدهار لشعوب أي منطقة، ما يدل على أهمية هذا المؤتمر الذي يؤكد أهمية المياه وضرورة الاهتمام بها أكثر خلال المرحلة القادمة، قائلا إن أحد أهم المداخل لتحقيق استدامة الموارد المائية، هو التكنولوجيا الرقمية التي تتطور بسرعة، مبينا ضرورة توطين هذه التكنولوجيا، والبحث في أفضل السبل لإنتاجها في المنطقة، عن طريق توفير المعرفة الضرورية للابتكار، والاستثمار فيه بأرقام كبيرة يمكن الحصول عليها بتفعيل الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.

 

شاركها.
Exit mobile version