تتفاقم الخسائر البشرية والاقتصادية الناجمة عن التغيرات المناخية في القارة الأوروبية، والتي باتت تشهد موجات حارة غير مسبوقة تسببت في فقدان الآلاف من مواطنيها وكبدتها مليارات الدولارات.

فتسبب تغير المناخ في خسائر فادحة للقارة الأوروبية بقيمة أكثر من 13.4 مليار يورو خلال عام 2023 وهو ثاني أكثر الأعوام حرارة في تاريخ القارة، بحسب وكالة كوبرنيكوس الأوروبية لتغير المناخ.

وفقدت القارة العجوز نحو 62 ألف شخص في عام 2022، جراء ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة خلال فصل الصيف، بحسب دراسة صادرة عن مجلة ناتشر ميديسين، وكان معظم ضحايا التغيرات المناخية من النساء وكبار السن فوق 65 عاماً.

وكانت إيطاليا الدولة الأكثر تضرراً، حيث سجلت نحو 18 ألف حالة وفاة، تليها إسبانيا بما يزيد قليلاً على 11 ألفاً وألمانيا بنحو 8 آلاف.

هذا فيما حذَّر البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، في تصريحات سابقة له من تغير المناخ، مشيراً إلى التهديدات التي تلوح في الأفق حول القنوات التي تحيط بالمدينة الإيطالية، مثل أزمة المناخ والسياحة الجماعية.

ومن المتوقع أن تصبح أوروبا أكثر دفئاً خلال السنوات المقبلة، وأن تصبح بعض المناطق أكثر جفافاً، بينما تصبح مناطق أخرى أكثر رطوبة.

القارة الأسرع ارتفاعاً في درجات الحرارة

أوروبا هي القارة الأسرع ارتفاعاً في درجات الحرارة في العالم، إذ ترتفع درجات الحرارة بنحو ضعف المعدل العالمي، وتهدد المخاطر المناخية أمنها في مجال الطاقة والغذاء، والأنظمة البيئية، والبنية التحتية، وموارد المياه، والاستقرار المالي، وصحة الناس.

ووفقاً لتقرير عن حالة المناخ في أوروبا صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ووكالة كوبرنيكوس، سجلت أوروبا ارتفاعاً في درجات الحرارة يبلغ 2.6 في المئة في حين أن كوكب الأرض ككل سجل ارتفاعاً 1.4 في المئة.

وتسببت الأحداث المناخية المتطرفة مثل العواصف و موجات الحر والفيضانات في مقتل ما بين 85 إلى 145 ألف شخص في جميع أنحاء أوروبا على مدار الأربعين عاماً الماضية، وأكثر من 85 في المئة من تلك الوفيات كانت بسبب موجات الحر.

وبلغت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الظواهر المتطرفة المرتبطة بالطقس والمناخ في أوروبا نحو نصف تريليون يورو خلال الفترة نفسها.

وحذَّر خبراء في معهد برشلونة للصحة العالمية من أن العالم سوف يصبح أكثر سخونة، وأنه بدون وجود خطط تكيف فعالة، قد تواجه أوروبا أكثر من 68 ألف حالة وفاة مبكرة كل صيف بحلول عام 2030، وأكثر من 94 ألفاً بحلول عام 2040.

التكيف مع التغيرات المناخية

يرى هشام الشاباق، الباحث في معهد برشلونة للصحة العالمية، أن استراتيجيات التكيف المتاحة حالياً في أوروبا ربما لا تزال غير كافية.

ونشرت الوكالة الأوروبية للبيئة أول تقييم أوروبي لمخاطر المناخ في مارس آذار من هذا العام، ويظهر أن السياسات وإجراءات التكيف الحالية لا تواكب المخاطر المناخية المتزايدة بسرعة، والمناطق الحضرية معرضة بشكل خاص لخطر موجات الحر والأمطار الغزيرة.

وحذَّر التقرير من أن مئات الآلاف من الأشخاص معرضون للموت بسبب موجات الحر، وقد تتجاوز الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفيضانات الساحلية وحدها تريليون يورو (1.1 تريليون دولار) سنوياً.

تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان القارة يعيشون في المناطق الحضرية، ويمكن أن تكون المدن في كثير من الأحيان أكثر سخونة بما يصل إلى 10 و15 درجة مئوية من الأراضي المحيطة بها.

وأكد التقرير أن هناك حاجة إلى سياسات عاجلة تستهدف أنظمة الرعاية الصحية والزراعة والبنية التحتية الحيوية، مشيراً إلى أن موجات الحرارة الشديدة والجفاف، التي كانت نادرة في السابق، أصبحت أكثر شيوعاً.

وقال التقرير «إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة الآن، فإن معظم المخاطر المناخية المحددة يمكن أن تصل إلى مستويات حرجة أو كارثية بحلول نهاية هذا القرن».

وأشار إلى أن المخاطر المرتبطة بالمناخ على إنتاج الغذاء من المتوقع أن تضرب جنوب أوروبا بشدة، مشيراً إلى أن أقل من 2 في المئة من الإعانات الزراعية في الاتحاد الأوروبي يتم إنفاقها على مساعدة المزارعين في إدارة المخاطر.

وتجاوزت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة في دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة 650 مليار يورو (711 مليار دولار) في الفترة من 1980 إلى 2022.

شاركها.
Exit mobile version