الدوحة – قطر
الدوحة – الشرق
قال تقرير الاستقرار المالي الصادر عن مصرف قطر المركزي أن رؤية قطر الوطنية 2030 تتوخى تحويل قطر إلى اقتصاد متنوع يقلل تدريجيا من اعتمادها على الصناعات الهيدروكربونية المرتبطة بالنفط والغاز. ومنذ التصديق على رؤية قطر الوطنية 2030 في عام 2008، أحرزت قطر تقدماً هائلاً في تعزيز هذين الهدفين، حيث كانت حصة القطاع الهيدروكربوني (النفطي) والقطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي حوالي 55% و45 %على التوالي في عام 2008.
مع ذلك، اعتباراً من عام 2022، تقلصت حصة القطاع الهيدروكربوني (النفطي) إلى حوالي 36%، في حين شكلت القطاعات غير النفطية 64 % وتعد قطاعات البناء والخدمات المالية وتجارة الجملة والتجزئة والعقارات من القطاعات غير النفطية الرئيسية التي تدفع النمو الاقتصادي في قطر.
وبالمضي قدمًا، من المرجح أن يلعب القطاع الخاص دورا محوريا في تنويع الاقتصاد القطري ودفع النمو غير النفطي في قطر من خلال تعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية والتنويع. تم اتخاذ العديد من التدابير لتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص. ونتيجة لذلك، فقد شكلت ما يقرب من 97% من شركات القطاع الخاص المسجلة وكذلك حصة بين 15 %و17% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
وقد احتلت قطر المركز التاسع في مؤشر التكنولوجيا المالية الإسلامية العالمي بسبب نظامها البيئي السريع النمو بالإضافة إلى ذلك، شهد عام 2022 أيضًا إطلاق شركات تكنولوجيا المعلومات الكبرى مثل جوجل كلاود Google Cloud ومايكروسوفت Microsoft مراكزها الرقمية الإقليمية في قطر، وذلك للتعاون في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات وتقنية البلوكتشين. وستعمل هذه المؤسسات على تعزيز جهود التنويع من خلال إبراز قطر كوجهة استثمارية جذابة.
نظرًا للأهمية المتزايدة المرتبطة بالتنويع الاقتصادي تم تصنيف دولة قطر من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ضمن أفضل الدول في عام 2022 وفي الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2023 تحسن ترتيب دولة قطر إلى المركز الثاني عشر ( من المركز الثامن عشر) من بين 64 دولة أغلبها من الدول المتقدمة، ومن بين المجالات التي حصلت فيها قطر على علـى مرتبـة عاليـة فـي التقريـر، الأداء الاقتصادي (المرتبة الخامسة عالميا) والكفاءة الحكومية (المرتبة الرابعة عالميا) وكفاءة الأعمال (المرتبة الثانية عشرة عالميا) وعلـى الرغـم مـن أن الانكمـاش الاقتصادي في عام 2022 كان ظاهـرة عالميـة، إلا أن قطر لم تتأثر به إلى حد كبير.
ومن المتوقع أن يبرز قطاع النفط والغاز كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي خلال الفترة من 2023 وحتى 2026 بسبب الاستثمارات الضخمة الموجهة لمشروع توسعة حقل غاز الشمال، علاوة على ذلك، من المتوقع أن يؤدي توسع صناعة النفط والغاز إلى تحفيز النمو في القطاع غير النفطي أيضًا، لاسيما في الشركات المرتبطة مباشرة بقطاع التعدين.
تعد قطاعات التصنيع والنقل والتخزين وتجارة الجملة والتجزئة والصناعات المرتبطة بالسياحة مثل السكن والخدمات الغذائية من القطاعات غير النفطية المهمة التي تتمتع بالقدرة على خلق نمو اقتصادي مفيد في عام 2023 وما بعده.
علاوة على ذلك، وبفضل الرؤية العالمية التي جلبتها بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، من المتوقع أن تنتعش تدفقات السياحة، وتساهم أحداث مثل معرض إكسبو الدوحة 2023 في تحسين الاقتصاد على المدى القصير. وكما هو مبين في استراتيجية قطر الوطنية لقطاع السياحة 2030، تتمتع السياحة بإمكانات هائلة لتصبح مساهما رئيسيا في الناتج المحلي الإجمالي.
من المرجح أن تستمر سياسة الحكومة الحالية واستراتيجية التنمية الوطنية ورؤية قطر الوطنية 2030 في التطوير الاحترازي لقطاع النفط والغاز، وتعزيز نشاط القطاع الخاص، وتنويع الاقتصاد وفي هذا الصدد، يمكن أن يلعب الاستخدام الإنتاجي للبنية التحتية التي تم إنشاؤها خلال كأس العالم على سبيل المثال، الملاعب دورًا مهما.
يعتبر معدل البطالة بدولة قطر واحداً من أدنى معدلات البطالة في العالم. ومن ناحية أخرى، يعد الإنفاق على التعليم لكل طالب في قطر من بين أعلى المعدلات في العالم. ويمكن أن تؤدي تدابير الإصلاح المستمرة في نظام التعليم وسياسات سوق العمل النشطة إلى تحسين رأس المال البشري في قطر بشكل أكبر وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي علاوة على ذلك، فإن التوسع السكاني التطورات الغنية في رأس المال البشري ستؤدي بدورها إلى دعم وتعزيز النمو في قطاعات الخدمات، مثل التعليم والرعاية الصحية، من بين قطاعات أخرى.
مع ارتفاع رأس المال البشري النسائي في قطر، هناك احتمال أن تساعد مشاركة المرأة في القوى العاملة في تعزيز إنتاجية العمل والأنشطة الاقتصادية في البلاد وعلى النقيض من الاتجاه العالمي، تحسن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطر بقوة في عام 2022 على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة العالمية. وبعد نهائيات كأس العالم في عام 2022، من المتوقع حدوث بعض التباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي والآثار الأساسية الكبيرة.
رجح صندوق النقد الدولي تسجيل الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر نمــــوا بنسبة 1.75% خلال الفترة بين 2023 و2025 مع نمو القطاع غير النفطي بنسبة 2.75% بدعم من الطلب المحلي بما في ذلك من الإنشاءات الخاصة بمشروع التوسع في حقل غاز الشمال، والقوة التي اكتسبتها السياحة بفضل المكانة العالمية البارزة التي تحققت من استضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم عام 2022.
أشار الصندوق إلى أن مصرف قطر المركزي حافظ على استقرار الأسعار والاستقرار المالي. وتراجع التضخم على أثر تشديد السياسة النقدية اتباعا لخطى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، واتساقا مع نظام ربط العملة بالدولار الأميركي. ولا تزال أوضاع البنوك قوية، برغم ارتفاع نسبة القروض المتعثرة نظرا لأن القروض المرتبطة بجائحة كورونا والتي أُعيدت هيكلتها أصبحت متعثرة، كما أن نمو الناتج عاد إلى طبيعته بعد كأس العالم، فضلا على تشديد الأوضاع المالية.
المصدر: شركة افاتريد