يُظهر مستثمرو التكنولوجيا النظيفة اهتماماً متزايداً بأستراليا بعد أن قدمت الحكومة الشهر الماضي حزمة دعم خضراء بقيمة 22.7 مليار دولار أسترالي (15.1 مليار دولار أميركي)، مع تعهد بعض الشركات بالفعل بمزيد من رأس المال للبلاد.

ولكن بعد مرور ما يقرب من عامين منذ أن أطلق قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة سباق إعانات الدعم الخضراء، هناك علامات تشير إلى الحذر بشأن قدرة الحوافز على تعزيز الاستثمار الطويل الأجل في الصناعات المستدامة ذاتياً.

في 14 مايو أيار الماضي، أطلقت الحكومة الفيدرالية خطة «صناعة المستقبل في أستراليا» (FMIA) لدعم الاستثمار الخاص في الهيدروجين الأخضر ومعالجة المعادن الحيوية وغيرها من التقنيات النظيفة.

وقال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز في بيان إن الحوافز في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة هي «المنافسة الجديدة» و«نحن بحاجة إلى أذرع أكثر حدة» لجذب الاستثمار.

وقال مستثمرون أستراليون نشطون في الخارج إن خطة صناعة المستقبل في أستراليا زادت اهتمامهم بالبلاد، وفقاً لما نقلته «إف دي آي إنتليجنس».

يقول كريستيان جوردان، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة Sicona Battery Technologies «لقد دفعنا هذا الأمر بالفعل إلى زيادة الاستثمار في أستراليا»، وتدرس الشركة التي يقع مقرها في نيو ساوث ويلز الآن إنشاء مشروعين في أستراليا، تصل قيمة كل منهما إلى 430 مليون دولار.

وتتوسع الشركة في الولايات المتحدة بهدف أن تصبح أكبر منتج في البلاد لمواد أنود السيليكون والكربون، وهي تجري محادثات مستمرة بشأن ذلك، وأبدى جوردان تفاؤله قائلاً، «متفائل بشأن الفرص التي تخلقها الخطة لتعزيز مساهماتنا في قطاع الطاقة النظيفة في أستراليا».

ويعتقد رود بريستو، الرئيس التنفيذي لشركة Investible لرأس المال الاستثماري ومقرها أستراليا وسنغافورة، أن خطة صناعة المستقبل في أستراليا ستساعد في جعل التكنولوجيا النظيفة في البلاد أكثر قدرة على المنافسة، ويقول «إن التزام الحكومة بدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر والألواح الشمسية سيعزز بالتأكيد قدرات أستراليا في مجال التقنيات المتجددة».

سباق الإعانات يتجه نحو أميركا

اكتسبت أستراليا سمعة طيبة كدولة رائدة في مجال الطاقة النظيفة، حيث احتلت المرتبة الثالثة في الجدول الدوري العالمي الافتتاحي لمصادر الطاقة المتجددة، وفقاً لـ«إف دي آي»، لكن ألبانيز حذر من أن «السباق هو دائماً سباق» لجذب الاستثمار، وأن «أستراليا لا تستطيع أن تبقى على الهامش» من النمط الجديد للمنافسة.

منذ أن وافقت الولايات المتحدة على حساب الاستجابة العاجلة بقيمة 369 مليار دولار في أغسطس آب 2022، تشمل حزم الدعم الأخرى التي تقدمها اقتصادات السوق الحرة قانون الصناعة الصافية الصفرية في الاتحاد الأوروبي، وحوافز السيارات الكهربائية القياسية في كندا، ودعم الهيدروجين في اليابان بقيمة 19.2 مليار دولار، وإعانات كوريا الجنوبية البالغة 29 مليار دولار في دعم البطارية.

تهدف الخطة جزئياً إلى تقليص هيمنة الصين على سلاسل التوريد الخضراء، ولكن مثل حوافز الاتحاد الأوروبي وكندا، فهي أيضاً أداة لمنع إغراء المستثمرين بعيداً عن أستراليا.

يقول تيم باكلي، مؤسس مركز الأبحاث المحلي لتمويل الطاقة المناخية، «كنا نسمع بشكل متزايد الشركات تقول: سنعلق مشروعنا الأسترالي لإزالة الكربون، لأن حكومة الولايات المتحدة ترمي مئات الملايين من الدولارات من الإعانات لكل مشروع». ويشير إلى شركة الموارد المحلية العملاقة Fortescue التي تعهدت العام الماضي بمبلغ 550 مليون دولار لمشروع الهيدروجين الأخضر في ولاية أريزونا، مقارنة بمبلغ 50 مليون دولار لمشروع الحديد الأخضر في أستراليا.

يعد تمويل الطاقة المناخية من بين الهيئات الصناعية التي تدعو الحكومة إلى تقديم ما مجموعه 100 مليار دولار أسترالي في شكل حوافز خضراء للتنافس مع الولايات المتحدة، إذا أعيد انتخاب الحكومة في العام المقبل، يتوقع باكلي «تخصيص المزيد من الأموال بشكل كبير لخطة أستراليا».

ولكنَّ آخرين حذروا من أن اللجوء إلى خطة «صناعة المستقبل في أستراليا»، مشيرين إلى أن الحوافز تهدد بخلق قطاعات تعتمد على الهبات الحكومية، وأنها وحدها غير قادرة على الحد من اعتماد أستراليا الاقتصادي على تصدير الموارد الطبيعية.

تقول مارينا تشانغ، الأستاذة المشاركة في جامعة التكنولوجيا في سيدني، إن التحول العالمي نحو السياسة الصناعية التدخلية «لا يعني أننا يجب أن ننسى المبادئ الاقتصادية»، وتقول «إننا نعيش في عالم يستفيد فيه الجميع لأننا نتبادل المزايا النسبية»، مضيفة أن التكاليف المرتفعة في أستراليا لا يمكنها منافسة التكاليف في آسيا وأميركا اللاتينية في مجال التصنيع ومعالجة المعادن الحيوية.

ووجد استطلاع للرأي أجري في فبراير شباط شمل كبار الاقتصاديين في أستراليا أن أقل من 10 في المئة أوصوا بأن تقدم البلاد إعانات دعم مماثلة لما يحدث في أميركا، في حين قال رئيس لجنة الإنتاجية المعينة من قبل الحكومة الأسترالية للصحافة المحلية إن قانون إدارة الأسواق المالية يخاطر «بخلق فئة من الشركات التي تعتمد على الإعانات الحكومية، وهذا يمكن أن يكون فعالاً للغاية في العودة للحصول على المزيد».

ويقول بريستو من شركة Investible أيضاً إن «الدعم وحده لا يمثل حلاً سحرياً»، ويجب أن يكون جزءاً من استراتيجية أوسع لضمان قدرة المنتجات المصنعة محلياً على المنافسة على التكلفة، كما حث الحكومة على منح دافعي الضرائب الشفافية الكاملة بشأن كيفية تخصيص الحوافز.

شاركها.
Exit mobile version