اعتبر كتاب وباحثون مغاربة أن الفضاء (المكان) الواقعي والمتخيل في الرواية المغربية يجعل منها رواية لها خصوصياتها تعكس الثقافة المحلية بكل مستوياتها.

وقال الناقد والكاتب المغربي عبد الرحمن غانمي في لقاء أدبي أمس السبت حول رواية “الفضاء المغربي” على هامش الدورة الـ28 للمعرض الدولي للنشر والكتاب المنعقد حاليا بالرباط “يجب أن نؤكد على فضاءات متخيلة وواقعية في الرواية المغربية، هل السارد يستحضر تلك المدينة انطلاقا من واقعها أو من تخيلها السردي، كأن يتجه إلى واقعها وأماكنها المعروفة أو أن يتخذ منها متخيلا سرديا؟”.

وأعطى أمثلة بروايات الكاتب المغربي عبد الكريم غلاب الذي ركز على مدن معروفة في المغرب مثل فاس، والقاص المغربي محمد زفزاف الذي أبرز في أعماله فضاءات معينة في مدينة الدار البيضاء.

كما تحدث غانمي عن “مسألة الهامش في الرواية المغربية”، وأعطى مثالا بالروائي والناقد محمد برادة الذي تناول في رواياته مدنا مثل طنجة والرباط والقاهرة وباريس، لكنها في الحقيقة فضاءات مركزية تحيل إلى فضاءات هامشية داخل هذه المدن المعروفة.

وقال غانمي إن “الهامش حاضر بقوة حتى وإن تحدث عن مدن مركزية فهي هوامش داخل المركز، وهو نوع من الإحالة إلى توترات وخلفيات اجتماعية، وثقافة مغربية بكل أشكالها وتلويناتها”.

وأضاف أن عددا من السراد يعيشون “نوعا من القلق في الفضاء الذين ينتمون إليه” ويبرزون هذا القلق بشكل أو بآخر “في فضاءات رواياتهم”.

المدينة في الرواية المغربية

من جهته، قال الناقد والباحث والروائي المغربي سعيد يقطين إن “المدينة بدأت تأخذ سمة مختلفة في الإنتاج الروائي المغربي، بدأ الفضاء الروائي يتجاوز المدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش إلى هوامش هذه المدن”.

وأشار يقطين إلى أنه “عندما يهتم الكاتب بخصوصية الفضاء المغربي يمكن الحديث آنذاك عن رواية مغربية”.

الناقد والباحث والروائي المغربي سعيد يقطين: الفضاء الروائي المغربي بدأ يتجاوز المدن الكبرى إلى هوامشها (الجزيرة)

وأضاف يقطن أن بعض الروايات أحيانا “لم تجد التفاعل الكافي من القراء المغاربة بسبب أن هؤلاء لا يجدون فيها الخصوصية المغربية، على عكس بعض المسلسلات المغربية التي قدمت فضاء مغربيا بلباسه وبيئته وتقاليده، مما جعل الجمهور يتفاعل معها”.

واعتبر السبب في ذلك هو أن “رواياتنا يكتبها مثقفون لهم عوالم تحكمهم، من أيديولوجيات وانتماءات سياسية وثقافية مختلفة”، داعيا إلى “رواية مغربية تقدم لنا المغرب في مختلف تجلياته”.

من جهته، اعتبر الأكاديمي والباحث المغربي عبد الرحمن تمارة أن كل “فضاء في النص الإبداعي هو مجرد علامة ومجرد إشارة رمزية وليس جغرافيا حقيقية”.

واستشهد بمقولة المفكر والكاتب الأميركي من أصل فلسطيني إدوارد سعيد “لكل فضاء جغرافي عبقريته الخاصة، حينما نتحدث عن فضاء في رواية ما نتحدث عن فضاء نابع من خصوصية وثقافة معينة، في الرواية لا نقدم واقعا ما، ولكن رؤيتنا لهذا الواقع”.

أدار هذا اللقاء الأدبي الكاتب والناقد أحمد بوحسن الذي ختم بقوله إن “الرواية المغربية تهتم بالإنسان ومشاكله”.

وأشار إلى أن للرواية العالمية الآن توجها جديدا هو “علاقة الرواية بالأرض والطبيعة والبيئة في ظل الخراب والدمار الذي يتهدد المدن”.

مشاركة عالمية واسعة

وتحل مقاطعة كيبيك الكندية “ضيفا استثنائيا” على المعرض بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وكندا.

وقالت ميريام باكيت كوتيه مديرة مكتب كيبيك في الرباط إن 32 دار نشر عضوة في الجمعية الوطنية لناشري ستمثل كيبيك في المعرض.

ويشارك في فعاليات وأنشطة المعرض نحو 661 كاتبا ومفكرا وشاعرا محليا وأجنبيا مع الإبقاء على جناح خاص بالثقافة والآداب الأفريقية التي حلت ضيف شرف الدورة السابقة.

الثقافة والآداب الأفريقية حلت ضيف شرف الدورة السابقة لمعرض الرباط للكتاب (الجزيرة)

ومن بين الأسماء المشاركة من المغرب عبد الإله بلقزيز ونور الدين العوفي ومحمد برادة وحسن نجمي وعبد اللطيف اللعبي وعبد القادر الشاوي وسعيد يقطين ومحمد بنيس.

كما تشارك أسماء بارزة من العراق ومصر ولبنان والسنغال وتركيا، وكذلك الكاتب النيجيري الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1986 وول سوينكا.

وقال وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد إن المعرض يشهد إقبالا من الجمهور عاما بعد عام، في دليل على العلاقة الوثيقة بين القارئ والمعرض والشغف الدائم بالكتاب الورقي رغم التقدم التكنولوجي وتطور وسائط النشر.

وكان المعرض -الذي انطلق لأول مرة عام 1987- يقام سنويا في مدينة الدار البيضاء، قبل أن ينتقل في الدورة السابقة إلى العاصمة الرباط.

شاركها.
Exit mobile version