سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية
نيويورك – قنا
أكد سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية، حرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على التعبير عن نبض الشعوب العربية والإسلامية وتطلعاتها في العدالة والأمن والاستقرار، أمام المجتمع الدولي، من خلال مشاركات سموه الفاعلة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دوراتها المتتالية.
وقال سعادته، في حوار خاص مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن المتابع لخطابات سمو الأمير المفدى في الجلسات الافتتاحية للجمعية العامة للأمم المتحدة على مر السنوات الماضية، يلمس تركيز سموه واهتمامه البالغ بالقضايا التي تمس حاضر ومستقبل الأمتين العربية والإسلامية، فضلا عن التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية وغيرها من الموضوعات التي تؤثر على أمن واستقرار المنطقة والعالم.
وأضاف أن اهتمام سمو الأمير بهموم الشعوب العربية والإسلامية يتجلى في تجديد سموه الدائم في خطاباته أمام الجمعية العامة على تضامن دولة قطر الكامل مع الشعب الفلسطيني الشقيق في تطلعه للعدالة، مع التأكيد على أن غطرسة القوة لن تقهر مقاومة الشعب الفلسطيني، وتشديد سموه على حق الفلسطينيين في تكوين دولتهم ووقف الاستيطان من قبل قوات الاحتلال، كما لا يغفل سموه التحذير من سعي البعض لطي صفحة مأساة الشعب السوري دون مقابل، وتجاهل التضحيات الكبيرة التي قدمها هذا الشعب دون حل يحقق تطلعاته في السلم والاستقرار.
ونوه وزير الدولة بوزارة الخارجية، بدعوات حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى المتكررة، خلال مشاركات سموه في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى استكمال العملية السياسية في ليبيا والاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة، وتطلعات سموه الدائمة لتحقيق التوافق الوطني في كل من لبنان والسودان، إلى جانب التأكيد على دعم دولة قطر الدائم لتعزيز الاستقرار في العراق، فضلا عن التشديد على المبادئ الدولية السامية من حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وترجيح الحوار كمنهاج لفض المنازعات.
وأكد تركيز خطابات سمو الأمير المفدى في الدورات المتتالية للجمعية العامة للأمم المتحدة على تذكير المجتمع الدولي بضرورة حماية المدنيين في أفغانستان ومكافحة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة وحق الفتيات في التعليم وتحقيق المصالحة الوطنية بين فئات الشعب الأفغاني، بالإضافة إلى رفض التعامل الدولي بمعايير مزدوجة مع ظاهرة الإرهاب حسب هوية مرتكبيها أو ربطها بدين أو عرق أو حضارة أو ثقافة أو مجتمع.
وحول جهود دولة قطر لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، قال سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، في حواره مع /قنا/، إن دولة قطر تولي الأهمية القصوى لمسائل الأمن والسلم الدوليين، وتنص رؤية قطر الوطنية على أن تكون دولة قطر عضوا نشطا ومسؤولا في المجتمع الدولي في عمليات إحلال السلام والأمن الدوليين، من خلال المبادرات السياسية والاقتصادية والمساعدات الإنمائية والإنسانية، كما أن دولة قطر لديها القدرة على إدارة علاقاتها الدولية والتي تستمدها من تركيزها على التكيف مع المتغيرات التي تحدث على الصعيد الدولي، مما يتيح لها مشاركة دبلوماسيتها الفاعلة.
ونوه في هذا الصدد بوساطات دولة قطر في ملفات اليمن ولبنان ودارفور وأفغانستان وتشاد، ومساعيها لتحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، بالإضافة إلى استضافتها لمحادثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران لإحياء الاتفاق النووي، ودورها في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الصومال وكينيا، مشيرا إلى أن دولة قطر تلقت على مر السنوات الماضية الكثير من الإشادات الإقليمية والدولية على نجاحات دبلوماسيتها الفاعلة، باعتبارها شريك دولي موثوق في وضع حد لعدد من النزاعات، مما يؤكد أن قطر لديها مكانة خاصة على صعيد تعزير الأمن والسلم الدوليين.
وأشار إلى أن مجلس الأمن الدولي أشاد في إحدى جلساته بدور دولة قطر ورعايتها للمفاوضات بين الولايات المتحدة وطالبان بالدوحة، والتي توجت بتوقيع اتفاق إحلال السلام في أفغانستان في العام 2020، بالإضافة إلى رسالة الأمين العام للأمم المتحدة التي وجهها لدولة قطر بمناسبة الذكرى الخمسين لانضمام قطر إلى عضوية المنظمة الدولية، والتي أكد فيها أن دولة قطر وعلى مدى السنوات الخمسين الماضية، قدمت مساهمات متعددة في ميادين التنمية المستدامة، ومنع نشوب النزاعات وتسويتها، ومكافحة الإرهاب، والعمل في مجال المناخ والصحة، على مستوى المنطقة وعلى الصعيد العالمي، لافتا إلى أن الدوحة باتت مركزا هاما للدبلوماسية التي تيسر بعضا من أكثر النزاعات تعقيدا في العالم، لاسيما في أفغانستان، حيث قدمت دولة قطر دعما بالغ الأهمية للحوار عبر الدبلوماسية والمساعدات الإنسانية.
وحول دور الأمم المتحدة في إرساء الأمن والسلام والاستقرار في العالم، أكد سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية أن السياسة الخارجية لدولة قطر تولي أهمية كبيرة لمبدأ توطيد السلم والأمن الدوليين عن طريق تشجيع فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية، مشيرا إلى أن هذا النهج مستمد من الدستور الدائم للبلاد.
وأضاف سعادته، في حواره مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن مساعي الأمم المتحدة الهادفة لإرساء الاستقرار إقليميا ودوليا، تظل محل تقدير دولة قطر التي تربطها شراكة استراتيجية مع المنظمات الدولية، وتسعى للإسهام في تحقيق أهدافها ومبادئها، وفي مقدمتها الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، من خلال وساطاتها المشهودة التي أسهمت في فض الكثير من النزاعات في المنطقة بالطرق السلمية، وآخرها رعايتها العام الماضي توقيع الأطراف التشادية على اتفاقية الدوحة للسلام ومشاركة الحركات السياسية العسكرية في الحوار الوطني الشامل السيادي في تشاد.
وتابع أنه على الرغم من ذلك، فإن دولة قطر تتطلع إلى دور أكثر فاعلية للأمم المتحدة، خاصة مجلس الأمن الدولي، في خفض النزاعات سلميا، ولهذا ظلت تدعم وتشارك بإيجابية في جهود الإصلاح الشامل الذي يجعل المجلس أكثر شمولا وتمثيلا لجميع المناطق، بهدف الوصول إلى مجلس يتسم بالفعالية، ويكون قادرا على اتخاذ القرارات في الوقت المناسب، لصون السلم والأمن الدوليين.
وفيما يتعلق بشراكات قطر الإقليمية والدولية وتأثير ذلك في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في العالم، قال وزير الدولة بوزارة الخارجية: إن دولة قطر تعتز بالشراكات الواسعة التي تربطها مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة في مختلف المجالات، بالإضافة إلى شراكاتها المعروفة مع منظمة الأمم المتحدة وبقية المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية، مؤكدا أن الشراكة القطرية مع كافة الوكالات التابعة للأمم المتحدة تضع دولة قطر في مقدمة الدول الداعمة لسيادة القانون والمواثيق والأعراف الدولية ودعم الدبلوماسية الوقائية، كسبيل رئيسي لتحقيق الأمن والسلم والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
وأشار سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، إلى أن دولة قطر أصبحت مركزا إقليميا للدبلوماسية متعددة الأطراف، منوها في هذا الصدد بافتتاح “بيت الأمم المتحدة” في الدوحة والذي يضم 12 مكتبا للمنظمة الدولية.
وقال: إنه على الرغم من اتساع الشراكات وتنوعها ورسوخها، إلا أن دولة قطر، في ظل سياسة الانفتاح التي تنتهجها، تتطلع إلى تعميق هذه الشراكات والانتقال بالتعاون مع مختلف الدول والمنظمات الإقليمية والدولية إلى آفاق أرحب بما يعود بالنفع على الشعوب وينعكس إيجابا على الاستقرار في مختلف أرجاء العالم.
وفي رده على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق من انتهاكات جسيمة على مسمع ومرأى من العالم، شدد وزير الدولة بوزارة الخارجية، في حواره مع /قنا/، على موقف دولة قطر الثابت من عدالة القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشيرا إلى أن قطر وجهت باكرا رسالة للمجتمع الدولي مفادها بأن استمرار القضية الفلسطينية دون حل دائم وعادل يعد وصمة عار في جبين الإنسانية.
وأضاف أن دولة قطر ظلت تدين، بأشد العبارات وفي كل المحافل الإقليمية والدولية وعبر البيانات الرسمية المتتالية لوزارة الخارجية، الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق من قبل قوات الاحتلال، وتحث في الوقت ذاته المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن، على النهوض بمسؤولياته حيال حماية الشعب الفلسطيني ومقدساته ووقف الانتهاكات الخطيرة بحقه، وتعتبر الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى انتهاكا سافرا للقانون الدولي والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس المحتلة، مع التأكيد على أن المحاولات المتكررة للمساس بالوضع الديني والتاريخي للمسجد الأقصى ليست اعتداء على الفلسطينيين فحسب، بل على أكثر من ملياري مسلم حول العالم.
وأشار إلى أن دولة قطر قدمت ولأول مرة في شهر يوليو الماضي، مذكرات خطية إلى محكمة العدل الدولية بشأن الرأي الاستشاري الذي ستصدره المحكمة حول التبعات القانونية الناجمة عن السياسات والممارسات الإسرائيلية المطبقة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي جاء بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية العام الماضي.
وبشأن التقارب الخليجي الإيراني، قال سعادته: “ظلت دولة قطر تدعو لسنوات إلى حوار شامل سعيا لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وقد تجلى ذلك الحرص في دعوة سمو الأمير المفدى “حفظه الله” من على منبر الأمم المتحدة لإجراء حوار بناء بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإيران على أساس المصالح المشتركة ومبدأ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
وأضاف: بادرت دولة قطر إلى الترحيب بالاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران فور صدور البيان الثلاثي المشترك عن السعودية وإيران والصين، وأعربت عن تطلعها إلى أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، بما يعود بالمنفعة على جميع شعوبها.
وبالنسبة للتقارب التركي مع بعض دول المنطقة، قال سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي وزير الدولة بوزارة الخارجية، في ختام حواره مع وكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن العلاقات الأخوية الوطيدة بين دولة قطر والجمهورية التركية الشقيقة تعد نموذجا يحتذى للعلاقات بين تركيا ودول المنطقة بما يصب في مصلحة الاستقرار الإقليمي ويحقق تطلعات القيادات وطموحات شعوب المنطقة.
وأضاف: “انطلاقا من حرصنا على الأمن والاستقرار الإقليمي ونهوض المنطقة لتحتل المكانة اللائقة بها، فإننا في دولة قطر ننظر بإيجابية للتقارب الخليجي – الإيراني، ونشجع في الوقت ذاته أي تقارب تركي مع دول المنطقة، خاصة في ظل الروابط التاريخية والثقافية والاجتماعية بين تركيا وهذه الدول، وبلا شك سينعكس هذا التقارب على المنطقة استقرارا ونماء ورخاء وتواصلا بين شعوبها المحبة للسلام”.